تكريم الله للإنسان
تكريم الله للإنسان
منهج الإسلام - على خلاف جل مناهج الأرض - يرفع
شأن المسلم ويغلي قيمته ويسمو بقدره، بخلاف تلك المناهج الدنيوية التي تجعل من
البشر عبيدا لا يبالى بهم ولا يعمل لكرامتهم وعزهم قيمة.
فإن حرمة المسلم في الإسلام أعلى قيمة من قيمة
الكعبة في الشهر الحرام في البلد الحرام، وقد نهى الإسلام عن مجرد السخرية التي
تخرج على هيئة قهقهة لا تتجاوز الثلاث ضحكات على وجه الاستهزاء (لا يسخر قوم من
قوم)
مكانة كرامة الإنسان في الإسلام
تتعجب حينما نهى النبي عائشة حينما قللت من شأن
امرأة بإشارة فقط من يديها! إذ قالت له فلانة! وأشارت فقط بيدها بشكل يوحي إلى
التقليل منها (ومعنى تلك الإشارة أن فلانة قصيرة)، وأخبرها قائلا: أنك قلت كلمة لو
مزجت بماء البحر لدنسته!، فتخيل معي أن إشارة تحقير واحدة لأخيك المسلم (حتى لو
كان بشيء فيه) تمزج وتنجس وتدنس ماء البحر!!، ومجرد حركة اللمز والهمز باليد
والعين واللسان أمور محرمة ويل لفاعلها.
وقد كان أبو بكر يأمر المسلمين أن يقبلوا يد
أسامة بن زيد، ويخبر الكافر الذي كان يملك بلالا أنه لو طلب فيه أضعاف ما طلبه
لأعطاه له من أجل بلال وقيمة بلال التي لا تقدر بثمن!.
بل يصل تكريم الإسلام للمسلم أنه يحترم إجارة
الصبي والمرأة، ويجعل أدناهم وأصغرهم يسعى بذمتهم!. وقد الإسلام حتى للسائل المحتاج قيمته وحذرك من أن تؤذيه أو أن
تنهره.
كرامة المسلم وعزته ليست بشخصه إنما بدينه!، وتلك
اليد الغالية التي ديتها تصل إلى المليون، قد تقطع في ربع دينار إن تخلت عن دينها
ومدت يده لتنهل من الحرام سرقة، وإن رأيت أهل بلد يساقون بالعصا فاعلم أنما هم
طائفة من المهزومين الذين لن تقوم لهم قائمة.
ولا يجعل الإسلام المظاهر من مقياس الكرامة، فرب
أشعث أغبر لا يهبأ له (ولا قيمة له عند أحد) لو أقسم على الله لأبره، وذلك لأن
الكرامة إنما في النفس لا الظاهر، وهذا لا ينافي أهمية الاعتناء بالمظهر وحسنه في
الإسلام.
فهذا زهير يداعبه النبي فيمسكه ويقول: من يشتري
العبد!، ليرد زهير: تجدني رخيصا يا رسول الله، فيعلي النبي من قيمته ويرفع من شأنه
ويقول له: ولكنك عند الله غال.
وفي مرة من المرات يضحك الصحابة على دقة (رفع)
ساق ابن مسعود! فيقول لهم النبي صلى الله عليه وسلم: أتضحكون من دقة ساق ابن
مسعود!، والله إنهما في الميزان عند الله يوم القيامة أثقل من جبل أحد.
النهي عن إهانة البشر في الإسلام
حذر الإسلام أشد التحذير من الاعتداء على كرامة
أحد من المسلمين، بل ومن البشر عموما، ومن ذلك بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخيه
المسلم! (تلك الخفة والاستهانة التي تكون داخلك تجاه أخيك المسلم هي كفايتك من
الشر الذي لا تحتاج إلى شر معه حتى تكون من أهل الشر).
بل ومن أصعب الناس عذابا وأفظعه (وهو من العذاب
الذي لم يراهما رسول الله في ليلة الإسراء والمعراج لفظاعة هذا العذاب) رجال
الشرطة (معهم سياط كأذناب البقر) يضربون الناس بها.
والاعتداء على عباد الله الصالحين وأولياءه أشد عذابا، فمن آذى لله وليا: فقد آذنه الله بالحرب (وذاك الولي ليس درويشا لابسا عمة خضراء في صومعته!، بل قد يكون كناسا أو تاجرا صغيرا أو عابر سبيل لا يعلم الناس له وزن أو قيمة).